فصل: تفسير الآيات (30- 31):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (8):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} [8].
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} أي: مع حب الطعام، كقوله:
{حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، أو على حب الله تعالى، لما سيأتي من قوله:
{لِوَجْهِ اللَّهِ} [الْإِنْسَاْن: 9]، {مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} أي: مأسوراً من حرب أو مصلحة. وإنما اقتصر على الثلاثة لأنهم من أهم من تجدر الصدقة عليهم، فإن المسكين عاجز عن الاكتساب لما يكفيه. واليتيم مات من يعوله ويكتسب له، مع نهاية عجزه بصغره، والأسير لا يملك لنفسه نصراً ولا حيلةً.
قال في الإكليل: والآية تدل على أن إطعام المشرك ما يتقرب به إلى الله تعالى، أي: لقوله سبحانه:

.تفسير الآية رقم (9):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً} [9].
{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} أي: قائلين ذلك بلسان الحال أو المقال، وإزاحة لتوهم المنّ المبطل للصدقة، وتوقع المكافأة، أي: لا نقصد بإطعامكم إلا ثوابه تعالى والقربة إليه والزلفى عنده. وإطلاق الوجه على الذات مجاز مشهور {نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء} أي: مكافأة {وَلَا شُكُوراً} أي: ثناءً ومديحاً.

.تفسير الآية رقم (10):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً} [10].
{إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً} أي: عذاب يوم {عَبُوساً} أي: شديداً مظلماً. أو تعبس فيه الوجوه من شدة مكارهه وطول بلائه {قَمْطَرِيراً} أي: شديد العبوسة والكرب. وخوفهم من اليوم كناية عن عمل ما يؤمنهم فزعه وهوله، من الصالحات.

.تفسير الآيات (11- 13):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً} [11- 13].
{فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} أي: بسبب ما ذكر من خوفهم منه {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً} أي: في الوجوه {وَسُرُوراً} أي: في القلوب.
{وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا} أي: على طاعة الله واجتناب محارمه والدعوة لسبيله واحتمال الأذى {جَنَّةً وَحَرِيراً} أي: يلبسونه ويتزينون به.
{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} أي: السُّرر {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً} أي: لا حراً ولا برداً، من باب ذكر الملزوم وإرادة اللازم.

.تفسير الآيات (14- 16):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} [14- 16].
{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا} أي: ظلال أشجارها، أي: قريبة منهم، مظلة عليهم، زيادة في نعيمهم {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً} أي: سهّلت ثمارها لمتناوليها. فلا يردّ أيديهم عنها بُعْدٌ ولا شوك.
{وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ} جمع كوب، وهو كوز لا أذن له:
{كانت قواريرا قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ} قال أبو البقاء: حسن التكرير لما اتصل به من بيان أصلهما، ولولا التكرير لم يحسن أن يكون الأول رأس آية، لشدة اتصال الصفة بالموصوف {قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} أي: في أنفسهم أن تكون على مقادير وأشكال على حسب شهواتهم. فجاءت كما قدّروا، أو قدرها لهم السقاة على قدر ريّهم لا يزيد ولا ينقص. وهو ألذّ للشارب، لكونه على مقدار حاجته، لا يفضل عنها ولا يعجز.
قال أبو حيان: أقرب من هذا ما نحاه أبو حاتم، وهو أن أصله قدر ريهم منها تقديراً والري العطش، فحذف المضاف وحرف الجر وأوصل الفعل له بنفسه.
قال الشهاب: وفي كونه أقرب، نظر، فإنه أكثر تكلفاً، ولكن كل حزب بما لديهم فرحون.

.تفسير الآيات (17- 18):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} [17- 18].
{وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً} أي: ما يشبهه في الطعم. وكانت العرب يستلذون الشراب الممزوج به.
{عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} وهي شديدة الجرية المنسابة بنوع خاص بهيج. ونصب {عَيْناً} بنحو: يؤتون، أو ينظرون.

.تفسير الآية رقم (19):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً} [19].
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ} أي: لا يموتون. أو دائم شبابهم لا يتغيرون عن تلك السن. أو مسوّرون. أو مقرَّطون.
{إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً} أي: لحسنهم وكثرتهم في منازلهم، وانبثاثهم في منازه أماكنهم.

.تفسير الآيات (20- 21):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيرًا عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} [20- 21].
{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ} أي: نظرت في الجنة، ورميت بطرفك ما أوتي الأبرار {رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً} أي: واسعاً لا ينفذه البصر.
{عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ} وهو ما رقّ من الحرير {خُضْرٌ} قرئ بالرفع لـ: {ثِيَابُ} وبالجر لـ: {سُندُسٍ} {وَإِسْتَبْرَقٌ} وهو ما غلظ من الديباج. وفيه القراءتان، رفعاً وجرّاً {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} أي: ليس برجس كخمر الدنيا. أو لأنه لم يعصر فتمسه الأيدي الوضرة، وتدوسه الأقدام الدنسة، ولم يجعل في الدنان التي لم يُعْنَ بتنظيفها. والآية مما يستروح بها في نجاسة الخمر، لما فيها من التعريض بها.

.تفسير الآية رقم (22):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً} [22].
{إِنَّ هَذَا} أي: ما عدّ من ثوابهم {كَانَ لَكُمْ جَزَاء} أي: على ما قدمتم من الصالحات {وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً} أي: مجازىً عليه غير مضيَّع.

.تفسير الآية رقم (23):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً} [23].
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً} أي: عظيماً لا يقدر قدره، أي: فأمره الحق ووعده الصدق. والقصد تثبيت قلبه صلوات الله عليه، وشرح صدره وتحقيق أن المنزل وحي، وعدم المبالاة برميهم له بالسحر والكهانة.

.تفسير الآية رقم (24):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [24].
{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} أي: من الصدع به، والتبليغ لآيه، والعمل بأوامره {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} أي: ولا تطع في معصيته تعالى من مشركي مكة، من ركب الإثم وجاهر بالكفر، ممن يريدك عن الرجوع عن دعوتك، بما شئت من مال أو مطلب، و{أَوْ} إما على بابها. أي: لا تطع من كان فيه أحد هذين الوصفين، فالنهي عمن اجتمعا فيه يعلم بالطريق الأولى. وإما بمعنى الواو.
قال الفرّاء:
{أَوْ} هاهنا بمنزلة الواو. وفي الجحد والاستفهام والجزاء يكون بمعنى لا، فهذا من ذلك مع الجحد. انتهى.
وإما بمعنى بل إضراب إلى وصف هو به أخلق وأجدر. وإما للتخيير في التسمية أي: من شئتَ بالآثم أو الكفور، لتحقق مفهومهما فيه.

.تفسير الآيات (25- 26):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً} [25- 26].
{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} أي: بدعائه وتسبيحه والصلاة له {بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ}
أي: بالتهجد فيه {وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً} أي: مقداراً طويلاً، نصفه أو زيادة عليه. وفي هذه الأوامر، مع الأمر في أول المزمّل وأمثالها ما يدل على العناية بقيام الليل والحرص عليه.
ويأتي البحث المتقدم هنا أيضاً في أن الأمر خاص به صلوات الله عليه بناءً على أنه للوجوب، أو يشمل غيره تبعاً وهو للقدر المشترك، قولان معروفان في نظيره. والقصد حثه صلى الله عليه وسلم أن يستعين في دعوة قومه والصدع بما أمر به، بالصبر على أذاهم والصلاة والتسبيح وقد كثر ذلك في مواضع من التنزيل كقوله:
{وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} [البقرة: 45]، وقوله:
{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 39- 40]، وأمثالهما.

.تفسير الآية رقم (27):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً} [27].
{إِنَّ هَؤُلَاء} أي: المشركين {يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ} أي: اللذات العاجلة، فيسعون لها جهدهم، وإن أهلكوا الحرث والنسل {وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً} أي: شديداً، لثقل حسابه وشدته وعسره.

.تفسير الآية رقم (28):

القول في تأويل قوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} [28].
{نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} أي: خلقهم وأعضاء بناهم.
قال الشهاب: الأسر، معناه لغة الشد ليقوى، ويطلق أيضاً على ما يشد ويربط به، ولذا سمي الأسير أسيراً بمعنى مربوطاً، فشبهت الأعصاب بالحبال المربوط به، ليقوى البدن بها أو لإمساكها للأعضاء، ولذا سموها رباطات أيضاً.
{وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} أي: بإهلاكهم والإتيان بآخرين. وهذا محط الترهيب، وما قبله كالتعليل له.

.تفسير الآية رقم (29):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً} [29].
{إِنَّ هَذِهِ} أي: السورة، أو الآيات القريبة {تَذْكِرَةٌ} أي: عظة لمن اعتبر واتعظ {فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً} أي: بالطاعة الموصلة لقربه، وإيصال السبيل للمقاصد، فهو تمثيل.

.تفسير الآيات (30- 31):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيمًا يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} [30- 31].
{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ} قال ابن جرير: أي: وما تشاؤون اتخاذ السبيل إلى ربكم إلا أن يشاء الله ذلك لكم، لأن الأمر إليه لا إليكم، أي: لأن ما لم يشأ الله وقوعه من العبد، لا يقع من العبد، وما شاء منه وقوعه، وقع. وهو رديف: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، هذا تأويل السلف. وقالت المعتزلة: أي: وما تشاؤون الطاعة إلا أن يشاء الله بقسرهم عليها. والمسالة مبسوطة في الكلام. وقد لخصناها في شرح لقطة العجلان فارجع إليه.
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً} أي: بأحوالهم وما يكون منهم {حَكِيماً} أي: في تدبيره وصنعه وأمره.
{يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ} قال أبو السعود: بيان لإحكام مشيئته المترتبة على علمه وحكمته، أي: يدخل في رحمته من يشاء أن يدخله فيها، وهو الذي يصرف مشيئته نحو اتخاذ السبيل إليه تعالى، حيث يوفّقه لما يؤدي إلى دخول الجنة من الإيمان والطاعة.
{وَالظَّالِمِينَ} وهم الذين صرفوا مشيئتهم إلى خلاف ما ذكر {أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} يعني عذاب النار. وقاناه الله بمنه وكرمه.

.سورة المرسلات:

بسم الله الرحمن الرحيم

.تفسير الآيات (1- 7):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا عُذْراً أَوْ نُذْرًا إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} [1- 7].
{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفاً} إقسام بالرياح المرسلة متتابعة كشعر العرف. أو بالملائكة المرسلة بأمر الله ونهيه، وذلك هو العرف. أو بالرسل من بني آدم المبعوثة بذلك.
{فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً} أي: الرياح الشديدات الهبوب، السريعات الممرّ.
{وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً} أي: الرياح التي تنشر السحاب والمطر، كما قال: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف: 57]، وقوله:
{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء} [الروم: 48]، أو الملائكة التي تنشر الشرائع والعلم والحكمة والنبوة والهداية في الأرض {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقاً} أي: الملائكة التي تفرق بين الحق والباطل بسبب إنزال الوحي والتنزيل. أو الآيات القرآنية التي تفرق كذلك. أو السحب التي نشرن الموات ففرقن بين من يشكر الله تعالى وبين من يكفر، كقوله: {لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [الجن: 16] {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً} أي: الملائكة الملقيات ذكر الله إلى أنبيائه، المبلغات وحيه.
{عُذْراً أَوْ نُذْراً} أي: إعذاراً من الله لخلقه، وإنذاراً منه لهم، مصدران بمعنى الإعذار والإنذار، أي: الملقيات ذكراً للإعذار والإنذار، أي: لإزالة إعذارهم، وإنذارهم عقاب الله تعالى إن عصو أمره.
{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} جواب القسم، أي: إن الذي توعدون به من مجيء القيامة والجزاء لكائن نازل، كقوله: {وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات: 6]، أو من زهوق ما أنتم عليه من الباطل، وظفر الحق بقرنه، أو ما هو أعم. والأول أولى؛ لإردافه بعلاماته، بقوله: